الآن، نحن على أعتاب الاختبارات النهائية في مختلف الكليات الجامعية، فكيف يمكن لنا استثمار هذا الوقت بحكمةٍ تنعكس إيجاباً على مستقبلنا العلمي والمهني على حد سواء؟
إن الحصول على وظيفةٍ في ظل المناخ الإقتصادي الحالي يعد تحدياً قوياً وصعباً في ذات الوقت، وللنجاح في إعداد نفسك بالصورة الأمثل، أنت مطالبٌ باتخاذ مجموعةٍ من الخطوات السريعة دون انتظار موعد التخرج الخاص بك، هذه الخطوات ستمثل عاملاً حاسماً في بناء مستقبلك المهني، فلا تهدر المزيد من الوقت وقم باتباعها سريعاً
ففي دراسة أجرتها مؤسسة بحوث ” براون ” خلال شهر إبريل من العام ٢٠١١، كشفت النتائج عن سعي الشركات وراء تعيين عدد من خريجي دفعة ٢٠١٢ بنسبة تزيد بـ (٩.٥٪) عن الأعداد التي سبق للشركات تعيينها عام ٢٠١١، هذه الزيادة لن تؤثر على قناعات أصحاب العمل الذين ما زالوا يبحثون عن الكوادر البشرية الأكثر تميزًا أثناء عمليات التوظيف، بحيث كشفت الدراسة ذاتها أن ما نسبته (٧١٪) من (٥٠٠) متخرج خلال الأعوام الأربعة الماضية، قد سبق لهم إعداد أنفسهم خلال الفصل الدراسي النهائي بالكليات من أجل تلبية احتياجات سوق العمل، والحصول على وظيفة مناسبة، فما هي الخطوات التي قام بها هؤلاء من أجل الفوز بوظيفة مناسبة؟
إن ما سبق، دفعنا لإجراء دراسة علمية تكشف الأخطاء الأكثر شيوعاً بين صفوف حديثي التخرج، والتي كانت سبباً في ندمهم الشديد، ومن خلال هذا المقال نضع بين أيديكم هذه الأخطاء من أجل تجنبها عند البدء برسم مسارك المهني بشكل واضح
١/ عدم القيام برحلة عمل مبكرة
إن التأخر في بدء عمليات البحث عن وظيفةٍ مناسبة لا تعد خُطوةً ذكية على الإطلاق، فكثير من طلاب العام الدراسي النهائي يقعون في هذا الخطأ، مما يَخلُق فجوةً واسعةً بين مرحلتي التخرج والحصول على أول وظيفة، إن عمليات البحث قد تستغرق شُهوراً، وفي بعض الأحيان قد تمتد لأعوامٍ عدة، في هذه الحالة أنت مطالبٌ باستغلال فصلك الدراسي النهائي بالشكل الأمثل، والبدء في البحث عن وظيفتك الأولى مبكراً، ماذا تنتظر؟ فالوقت ما زال ملكً لك، ابحث عن العديد من الوظائف أسبوعياً وتقدم لها، وأجعل من عمليات البحث وظيفتك الحالية التي تمتد لساعات طويلة يومياً، قد يبدو الأمر مرهقاً، لكن تأكد أن نتائجه فعالة، ففرصك في الحصول على وظيفة ستزداد دون شك
٢/ عدم امتلاك العلاقات الاجتماعية
إن دراسة “براون” لم تتوقف عند النتائج السابقة فقط، فقد أكد (٢٩٪) من المبحوثين على ضرورة بذل المزيد من الوقت بهدف بناء شبكة علاقات مهنية صلبة، على الرغم من وقوع الكثيرين في خطأ الاعتقاد أن عملية تشكيل شبكة للعلاقات لا تمثل أولويَة قُصوى في مرحلة البحث عن الوظيفة، في الواقع هذا خطأ شائع، فتشكيل شبكة علاقات اجتماعية أمر في غاية الأهمية، فالعديد من المصادر تشير إلى أن (٧٠٪) من الوظائف المختلف يتم الحصول عليها عبر البحث الشبكي
وعليه، أصبح لزاماً على الطلاب الباحثين عن عمل، تخصيص بعضاً من الوقت لبناء وتوطيد العلاقات الاجتماعية مع ذوي الخبرة في المجالات التي تحظى باهتمامهم والمعتد بهم في القوى العاملة، هؤلاء الأشخاص هم ممثلي الشركات، وخبراء الصناعة، والخريجين، وكل شخص قادر على تقديم يد العون في عمليات البحث الوظيفي المختلفة، وتأكد أن معظم الأشخاص يحبذون مساعدة الخريجين وإسداء النصائح لهم، أخيراً إن تمتعك بمهارات الاتصال الفعال سيعزز من قدرتك بسهولة على بناء علاقات اجتماعية تساعدك في بناء مستقبلك الوظيفي لاحقاً
٣/ عدم العمل المهني إلى جانب الدراسة
هل تعلم أن الخبرة أصبحت شرطاً لا يمكن التنازل عنه في الوقت الحالي عند البحث عن وظيفة؟ تأكد أن لا بديل عن الخبرة في هذا الزمان، كما أن الدورات التدريبية المرتبطة بطبيعة العمل توضع محل تقديرٍ أيضاً، ولو قدر لصاحب العمل التفضيل بين شخصين متكافئين من المتقدمين، سيختار حتماً أكثرهما خبرة
إن البحث عن الدورات التدريبية الممنوحة أو المدعومة من كليتك الجامعية أمرٌ هام، لكننا ننصحك أيضاً باكتساب الخبرة في مجال خدمة العملاء أيضاً، كل ذلك سيمنحك القدرة على بناء مهارات وعلاقات جديدة، تحدث مع الجميع عند الجلوس على مائدة الطعام، فالعديد من المدراء التنفيذيين بدأوا رحلة تكوين شبكة علاقاتهم الاجتماعية أثناء العمل نادلين بالفنادق.
في هذه الحالة قد يمثل العمل عبر الإنترنت واحداً من الخيارة المناسبة أثناء فترة الدراسة، فبعض الوظائف تتيح لك فرصة العمل من المنزل، كالعمل في شبكات التواصل الاجتماعي والتحرير وتصميم الشبكات، فإن كنت واحداً ممن يمتلكون تلك المهارات التي تتيح لك العمل من المنزل، لا تتردد وقم بذلك، فهذه الخطوة ستنعكس إيجاباً عليك مستقبلاً
٤/ قلة المشاركة في الأنشطة المهنية
هل بحثت عن بعضٍ من الفرص المتوفرة في جامعتك؟ حسناً، هناك العديد منها في تجمعات الحرم الجامعي والنوادي والأحداث والأنشطة الاجتماعية، هذه الفرص ستُكسبك خبراتٍ عدة يمكن تطبيقها في الحياة المهنية، فالمهارات المكتسبة طوال أعوام الدراسة ستلازمك خلال حياتك المهنية، قم بالحصول على المزيد منها عبر تنظيم حدثٍ ما في الحرم الجامعي، تماماً مثل توجيه الطلاب المستجدين على سبيل المثال، فمختلف الشركات تتنافس على توظيف الأشخاص القادرين على إدارة المشروعات والانخراط في العمل الجماعي، اضافة الى المتميزين بمهارات التواصل الفعال
يقول أحد الخبراء: ” أنت مطالبٌ برسم إطارٍ محترف لخبراتك التي تكتسبها بعيداً عن مناهج الدراسة، فكر جيداً في أبرز الانجازات التي حققتها بوصفك عضواً أو قائداً في مجموعة، استرجع الأنشطة غير المتعلقة بمناهج الدراسة والتي قمت بتنفيذها مسبقاً، واستعن بها في سرد نقاط سيرتك الذاتية “
٥/ ضعف الظهور على شبكات الانترنت
هل تعلم أن أفضل وقتٍ للقيام بأنشطة فعالة عبر شبكة الانترنت هو الآن؟ ماذا تنتظر، قم بتحديث خصوصية حسابك عبر ” فيس بوك “، وارصد ما أضفته إلى صفحتك الشخصية، فكر من منظور صاحب العمل المحتمل، وقارن إن كانت مشاركاتك في وسائل التواصل الاجتماعي تتناسب ومستقبلك المهني، تأكد من التغريد بأخبار مثيرة للاهتمام، واحذر عند بيان وجهتك ” check in ” عبر هاتفك الذكي، قم بإعداد ملفك التعريفي ” البروفايل ” عبر ” لينكدان ” بشكل احترافي، ولا تنس إضافة توقيعك على حساب بريدك الإلكتروني، أنشئ رسالة بريد صوتي لائقة، واستعن بها عند الحاجة مع كل اتصال الكتروني جديد، كل هذه الأمور قد تكون بسيطة من وجهة نظرك، لكنها تضفي المزيد من التميز عند ظهورك عبر شبكات الإنترنت، مما يعزز فرصتك في الحصول على وظيفة جديدة
٦/ عدم مراجعة مراكز التوظيف
إن الطلاب الجامعيين يتمتعون بمميزاتٍ لا يحظى بها غيرهم من الباحثين عن عمل، تماماً مثل خدمات التوظيف المتوفرة في الحرم الجامعي، هناك تجد العديد من الأشخاص الذين يعملون على تقديم المساعدة للطلاب الباحثين عن عمل، ولنكن أكثر دقة، فإن الطلاب الجامعيين لا يحصلون على الفائدة المرجوة من مراكز التوظيف كما هو متوقع، وعليه قم بالسعي جاهداً لاستغلال كافة السُبل التي تُمكنك من التنافس على الوظائف المطروحة، استفد من تلك الخدمات قدر الإمكان، وتَعرَّف على المرشدين هناك، ضعهم في صورة ما تبحث عنه مع التأكيد على ضرورة وضعك في صورة كل الفرص الجديدة المتاحة
إن مراكز التوظيف تعد مكاناً جيداً للتدريب على إنشاء المقدمات التعريفية، والاستعداد للمقابلات الشخصية، كما أنها تساعدك في كتابة الرسائل الإلكترونية التمهيدية ومختلف الخطابات، اضافة الى منحك فرصة التدرب على إتقان كتابة السيرة الذاتية، واختبار مهارات المقابلة المختلفة
٧/ عدم الاحتفاظ بسجل الإنجازات
لا تُقلل من شأنك أبداً، قاعدة احرص على اتباعها عند عمليات البحث عن عملٍ جديد، إن أبسط الإنجازات قد تكشف عن قدارتك المتميزة في اضافة كل ما هو مهم وذو قيمة، تأكد أن الأمور التي تراها بسيطة قد لا تكون كذلك في نظر أرباب الأعمال، قم بجمع إنجازاتك المختلفة وضع اسمك عليها، احتفظ بتلك السجلات فلها فائدة كبيرة مستقبلاً، تماماً مثل الاحتفاظ بسجِّل التبرعات التي قمت بجمعها لنشاط معين سابقاً، أو ذلك النظام الجديد الذي قمت باستحداثه للتسجيل في مكاتب القبول، هذه الأمور تُعد إنجازات هامة تُضاهي أنشطة العمل اليومية، لا تنس تسليط الضوء على جوائز الاستحقاق الأكاديمية، مثل مرتبة الشرف وغيرها من الأمور المختلفة
٨/ عدم تنمية المهارات
هل تعلم أن المهارات تتغير باستمرار وفقاً لمتطلبات سوق العمل؟ إن ادراك ذلك يعد ميزةً تنافسية تبرزك بين المتقدمين حقًّا، فالشركات الآن لا تستثمر في تدريب العاملين، بل يبحث أصحاب العمل باستمرار عن الأشخاص المتمرسين القادرين على الاندماج في العمل بسرعة وتمكن، هنا ننصحك بتطوير نفسك، اعمل مع كبار السن والزملاء الأكثر خبرة، تابع ما يقوم به البعض عبر أدوارٍ مماثلة في إدارات أخرى، واستفد من الطرق المثلى للتعامل مع الزبائن، لا تتجاهل الخبرات المتوفرة في الجامعة، واحصل على دورات تدريبية عدة تعزز من قدرتك على التكيف مع أي عمل جديد مهما كانت طبيعته
وفي هذا الجانب، عليك تعلَّم كيفية تكوين معرفة واسعة في مجال خدمة العملاء، هذه المعرفة ستمنحك الفائدة في رحلة البحث عن عمل، كما وسيكون لها دور إيجابي عند الاستعداد للمقابلات الشخصية، وعمليات التدرب على طرق حل الأزمات التي ستواجهها مستقبلاً
ختاماً، أنت مطالبٌ باستغلال مختلف الامتيازات المتاحة من أجل تجهيز نفسك، كل ذلك سيمكنك من الحصول على الاستفادة القصوى قبل مغادرة الجامعة، ضع خُطة محكمة لتطوير مسارك الوظيفي خلال نصف العام الدراسي، وقم بتنفيذها خلال الأشهر القليلة القادمة، بهكذا طريقة ستكون قد نجحت فعلاً في تهيأة نفسك من أجل اعتلاء قائمة المتنافسين من المتقدمين للوظائف المختلفة، واحذر من إضاعة أية فرصة تقربك من حلمك الوظيفي