في وقت سابق كان أصحاب العمل يبحثون عن الموظفين الجدد بطرق تقليدية، كوضع الإعلانات، وزيارة الجامعات، أو إقامة معارض التوظيف، مع إجراء الأبحاث بهدف الوصول إلى شاغلي المنصب الشاغر.
هذه الأنشطة كانت تتطلب الكثير من الوقت والمال، وعليه إذا كان بوسعك التعرف على فرصة عمل وشيكة قبل أن يمضي صاحبها الوقت وينفق الموارد في البحث عمن يشغلها، فإنك ستساهم في توفير وقت الشركة ومواردها، وستواجه منافسةً أقل في الحصول على المنصب.
كل ذلك يتطلب شبكة علاقات قوية ستساعدك على معرفة الوظائف الجديدة قبل إعلانها، وبناءً على هذه المعرفة المبكرة، سيكون لديك الوقت لتحسين سيرتك الذاتية وتقديمها، وإجراء مقابلة عمل جيدة، وسيكون لديك فرصة للنظر في وظائف العمل الأخرى.
وأمام أيّ طالب جامعي العديد من الفرص المتاحة للتواصل بحثاً عن وظيفة محتملة، من خلال مناقشة أهداف حياته المهنية مع المستشارين وأعضاء هيئة التدريس الذين تربطهم علاقات بأصحاب العمل والمؤسسات، إضافة إلى لقاء الخريجين من ذات التخصص لتلقي النصائح والإرشادات، والحديث مع مندوبي الشركات في معارض التوظيف داخل الحرم الجامعي وخارجه، حينها لن تتمكن من معرفة الوظائف الجديدة فحسب، لكنك ستعرف أيضاً أسماء مديري التوظيف والإدارات القابلة للتوسع.
والى جانب ما سبق، يمكن التواصل مع موظفي الإدارة الوسطى بمؤسسة ما، للتعرف على إمكانية وجود فرص للعمل في المؤسسة، من خلال إبلاغ الزملاء ببحثك عن عمل، إضافة إلى الحديث مع الجيران والأصدقاء، واستخدام التكنولوجيا.
وإذا كان النمو داخل الشركة الحالية هو هدفك المنتظر، قابل مشرفك المباشر أو مدراء الإدارات الأخرى، إن كان هذا النشاط مقبولاً في ثقافة الشركة، وإن كنت تسعى لفرصة حقيقية خارج الشركة الحالية، فأنت بحاجة إلى البحث بطريقة سرية دون معرفة أحد.
إن ربة الأسرة أو العاملة من المنزل (ومن يعمل من منزله على العموم) التي تسعى للانضمام إلى سوق العمل خارج المنزل، يمكنها تطوير شبكة للمساعدة في إيجاد فرص العمل، من خلال إخبار المعلمين والمربيات وجليسات الأطفال عن خططها لتظفر بعمل جديد، كما أن بمقدورها الطلب من آباء زملاء أطفالها بالمدرسة، البحث عن فرصة عمل لها، ومناقشة إمكانيات فرص العمل مع زملاء العمل التطوعي، إن التواصل هو عملية مستمرة وديناميكية. والعلم بوجود فرص العمل يمكن أن يأتي من مصادر غير معتادة ولا متوقعة. وكلما أصبحت شبكة علاقتك أكثر تنوعاً زادت فرصتك في معرفة فرصة العمل الجديدة.
أنواع الشبكات
إن لشبكات العلاقات قدرة على ضم أناس من قطاعات مختلفة في حياتك، دون أن يقتصروا على نطاق عملك أو مهنتك، واحدة من هذه المناطق حياتك الشخصية، التي تشمل العائلة والجيران والأصدقاء وزملاء المدرسة، وغيرهم من المعارف العارضين.
هؤلاء الأشخاص قادرين على دعم بحثك عن عمل بتقديم خدمات مختلفة، بإمكانك جس نبض البعض منهم حول إذا ما كانوا يعرفون شيئاً عن فرصة عمل جديدة، كما يمكن الاستفادة منهم كمصادر غنية للاتصالات بآخرين، بمعنى آخر، قد لا يعرف البعض منهم عن فرص عمل مناسبة لكنهم يعرفون أشخاصاً آخرين لديهم معلومات قيمة حول فرص العمل المتاحة والمناسبة لوضعك وتخصصك.
ومن المهم إدراك أن عملية تطوير شبكة علاقاتك الشخصية، تعد مهمة تندرج ضمن خطوات البحث عن وظيفة، فالشبكة الشخصية تجمع أشخاصاً تتفاعل معهم في العادة، وبدلاً من تطويرها بهدف الحصول على مساعدة مباشرة في البحث عن عمل، عليك بتفعيل الشبكة للحصول من أفرادها على جهات اتصال تقودك إلى الأشخاص المعنيين في مجال بحثك عن عمل مناسب.
هذه الخطوة يمكنك القيام بها رسمياً أو عرضياً، دع معارفك يعلمون برغبتك في البحث عن عمل، مرر سيرتك الذاتية عليهم وأخبرهم بما تهدف له مهنياً، من خلال ذلك بإمكانهم اقتراح وظيفة ما عليك، أو تعريفك بمجموعات أخرى، كما وسيشكل هؤلاء جماعة دعم خلال مشوار بحثك عن عمل، لا تخجل من التواصل وطلب المساعدة، فأقصى ما يمكن أن يحدث، اعتذارهم منك بعدم القدرة على المساعدة.
إن مفتاح الحفاظ على شبكة علاقاتك الشخصية، يكمن في مداومة الاتصال بأفرادها بصورة دورية، وعند الحصول على وظيفة أو إعادة توجيهك من قبل أحدهم، أبلغ الباقين، ولا تقصر في تواصلك معهم، استمر في تنمية وتقوية علاقاتك الشخصية لصالحهم وصالحك في الوقت ذاته.
شبكة العلاقات المهنية
إن الحياة المهنية تعد المنطقة الأكثر وضوحاً في حياتك، من أجل العثور على أسماء جديدة تضمها إلى شبكة علاقاتك الشخصية، هذه الحياة المهنية تضم أرباب العمل والزملاء والمعلمين والأساتذة وأعضاء المنظمات المهنية.
النجاح في ضم هؤلاء يعتمد على الثقافة السائدة والتعامل في المؤسسة، فبعض أرباب العمل يدعمون موظفيهم في البحث عن عمل جديد سواء داخل أو خارج الشركة الحالية، فحينما تخطط الشركات لتقليص حجم الأنشطة وتسريح بعض العمالة فإنها عادةً ما تقدم على مساعدة الموظفين المستهدفين وتقديم التوصية لهم من أجل تعيينهم في شركات أخرى، وتقنيات تكوين الشبكات قد تكون جزء من الخدمات التي يطرحها رب العمل على هؤلاء الموظفين عند تقليص خدمات الشركة، بمعنى أن صاحب العمل قد يقترح على هؤلاء الموظفين التواصل مع جهات بعينها من أجل مساعدتهم في الحصول على عمل بديل.
من ناحية أخرى، إذا كانت الثقافة أو المناخ السائد في شركتك ينظر بتعالٍ أو ريبة لأولئك الذين يخططون للانتقال إلى قسم آخر أو شركة أخرى، هنا يجب عليك أن تكون أكثر حذراً فيما يتعلق بسعيك لوظيفة أخرى.
وعلى عكس الاتصالات الشخصية ، فإن الاتصالات المهنية ستكون أفضل في فهم مهاراتك و مؤهلاتك، وستصبح أكثر قرباً في معرفة المزيد عن فرص العمل المناسبة لك، وعند تكوين شبكة علاقاتك، ركز أكثر وقتك وجهدك على الاتصالات المهنية، لأن هؤلاء الناس يوفرون المفاتيح والخيوط الأكثر فعالية والتي تساعدك في الوصول إلى هدفك، انضم إلى المنظمات المهنية كالنقابات والجمعيات التجارية، وطالع بانتظام المجلات ومواقع الانترنت المختصة في مجالك، اتصل بكاتبي المقالات المتعلقة بتخصصك واسألهم عن فرص عمل جديدة، وضع أصدقائك ومعارفك في صورة بحثك عن عمل جديد وناقش معهم الأمر.
عليك بالبحث مع قائمة علاقاتك، في خصوصيات ومتطلبات العمل الجديد بمزيد من التفصيل، اشرح رؤيتك للمهنة، وساعدهم على فهم دوافعك في تغيير عملك الحالي، قدم لهم المزيد من المعلومات من خلال أهدافك ورؤيتك، حينها يمكن لجهات الاتصال في شبكتك المهنية مساعدتك في توسيع الشبكة وتحسين فرص بحثك عن عمل.
إن البقاء على اتصال مع من هم في مجال عملك وزملائك، سيساعدك في الحفاظ على الشبكة المهنية وتوسيعها، وعند الانتقال إلى وظيفة جديدة، أخبرهم بحجم التحديات والظروف الجديدة، لا تنس أن تشكر أولئك الذين ساعدوك في بحثك، وكن مستعداً لتقديم مساعدات مماثلة، أبق على شبكة علاقاتك نشطة في اتجاهين، واحذر من البحث عن مساعدة دون استعداد لتقديم المساعدة في المقابل.
وهنا مصدر آخر من شبكات العلاقات يوصف بـ “الاتصال كشبكة مجتمعية” ، هذا النوع من الشبكات يشمل أعضاء المنظمات الدينية، الجماعات المحلية، تجمعات الدارسين والخريجين، والمجموعات التطوعية، فإذا كنت تبحث عن وظيفة جديدة في مسقط رأسك الحالي، يمكنك الانضمام لنادٍ أو مركز محلي، والتعرف على أعضائه، وخلال المشاركة في مشروعات المنظمات الخدمية المحلية، تعرف على المزيد من الأعضاء، ابدأ بتشكيل شبكتك المجتمعية المحلية، وتطوع في تنظيم ومتابعة أنشطة طفلك الرياضية والكشفية، تعرف على آباء أطفال آخرين من ذات المنطقة، كلها تمثل إضافات مفيدة لشبكتك المحلية.
إن تطوير شبكتك المجتمعية، يتطلب إتباع طريقة متأنية ومدروسة، فمنظمات المجتمع المحلي تهدف إلى دعم الأهداف التي أقيمت من أجلها، لا من أجل تعزيز بحثك عن وظيفة، فإذا كنت جاداً في تطوير واستخدام شبكة علاقاتك المجتمعية، كن حريصاً ودقيقاً في فهم ثقافة المنظمات المجتمعية التي تنضم لها، فالعديد من المنظمات تحظر صراحةً استخدم قائمة أعضائها في الأعمال التجارية غير ذات الصلة، لكن كلما زادت مقابلاتك مع الأعضاء وأصبحت على معرفة بخبراتهم وحياتهم المهنية، قد تحصل على فرصة مناسبة لطرح أو مناقشة بحثك عن وظيفة.
من المهم أن تقدم على معاملة جهات الاتصال الخاصة بأعضاء التجمع المحلي، كما تعامل معارفك الشخصية، بالتأكيد هم ليسوا من نفس الدرجة في الالتزام والتفاني في المساعدة، تماماً كأصدقائك وأسرتك، لكن بوسعهم تقديم التنوع والمعرفة المحلية التي تحتاجها.
هذا التنوع يأت كنتيجة لمجموعة متعددة من الخلفيات المهنية، التي عادةً ما تتوفر في الجماعات المحلية، فالمعرفة المحلية تتشكل من القاعدة والتاريخ المحلي الذي يتم بناؤه بين فئات المجتمع، وللحفاظ على شبكتك المجتمعية، واصل المشاركة في تنظيم المشروعات واللقاءات والأنشطة، اجعل أولئك الذين ساعدوك من قبل يعرفون كل ما هو جديد في عملية بحثك عن عمل، اعرض المساعدة على الآخرين تماماً كتلك المساعدة التي حصلت عليها في وقت سابق وساهمت في منحك فرصة عمل مناسب.
أما النوع الأخير من التواصل فهو مشابه لما تقوم به الآن، والمتمثل في استخدام التكنولوجيا لاكتشاف الجديد عن فرص العمل، وتنطوي الشبكات القائمة على التكنولوجيا على استخدام أدوات البحث عن وظيفة، مثل الباحث عن العمل Job Finder ، وأدوات إرسال السير الذاتية للأماكن المناسبة مثل Resume Caster، أو ما يشابهها في بلدك أو نطاق عملك، كل ما عليك أن تقوم بمراجعة دورية للمواقع الإلكترونية الخاصة بالشركات التي تلبي معايير البحث المتعلق بك، مع ملاحظة أية إعلانات عن توسع مزمع أو مشروع جديد في جهة ما. وبالمثل، اقرأ النشرات المتعلقة بمهنتك وابحث عن التطورات الجديدة التي قد تؤدي إلى فرص عمل في المستقبل.
أخيراً، ولأن التكنولوجيا تتغير كثيراً، حافظ على أدوات التكنولوجيا مُحدَّثة، وتعلم كيفية استخدام الميزات الجديدة فيها، وكذلك أية أدوات مضافة تخصص للبحث عن وظيفة.
أنشطة الشبكات:
عند الشروع في البحث عن وظيفة، فإن نشاطك مع الشبكات الخاصة بك قد يكون عادياً أو رسمياً، ففي نشاطك في الشبكات الشخصية يكون سؤالك عن عمل ضمن محادثاتك اليومية، تماماً كالحديث مع جارك في عطلة نهاية الأسبوع، أذكر أنك بدأت البحث عن وظيفة واشرح نوع المجال الذي ترغب في العمل به، اطلب منه بصورة عرضية المشورة والمساعدة خاصة إذا كان يعمل في نفس المجال. وبالمثل، إذا تطوعت لمرافقة أطفالك وزملائهم بالمدرسة أو الحضانة فاطرح السؤال عرضاً على ذوي زملاء أطفالك واطلب مشورتهم.
التواصل الرسمي هو أكثر مباشرةً وأقل شخصية من الشبكات العارضة، بامكانك إرسال الخطابات أو رسائل البريد الإلكتروني لهم، احتفظ بقوائم الاتصال وتحديثها، واحرص على الاتصال الهاتفي بهم كل فترة، استمر في طلب المشورة. فالفارق الرئيسي أن التواصل العارض وغير الرسمي هو الغرض الرئيسي من الاتصال ومقابلة هؤلاء، فالتواصل في الشبكات العرضية يكون فيه السؤال عن وظيفة أمر ثانوي، وقد يكون البحث عن وظيفة هو البند الأول في عقلك، لكنه ليس السبب الرئيسي لإجراء الاتصال بهم، على العكس تماماً، فإن الاتصال في الشبكات الرسمية، يشهد مناقشة تفاصيل البحث عن وظيفة وهو السبب الرئيسي للتواصل، فعلى سبيل المثال، وبينما تطور شبكة الاتصالات المهنية، احتفظ بقائمة لكل تخصص على حدة. عندما تلوح فرصة ضمن هذه التخصصات، يمكنك الاستفادة من شبكتك المهنية عن طريق إرسال رسالة بريد إلكتروني موجهة إلى كل شخص في تخصص معين. واطلب منهم تلميحاً لعمل أو مشورة حول التخصص.
يوفر هذا الأسلوب مدخلاً أكثر شخصية للتواصل، لكن دون إزعاج لهم، كما يسمح لك أيضاً بالاستفادة من الشبكة للحصول على معلومات من داخل مؤسساتهم، انتظر ردهم وفقاً للوقت المناسب لهم، لكن ربما عليك أن تُبقي أيضاً على تحديث قوائم الاتصال في شبكتك المهنية وذلك بترك رسائل هاتفية قصيرة على أرقام مكاتبهم بعد ساعات العمل العادية، هذا يجعلهم على علم بالتقدم الذي تحرزه دون تعطيلهم أثناء ساعات العمل اليومي.
الحفاظ على شبكة العلاقات
إن الحفاظ على شبكة من العلاقات السليمة والصحية يساعدك طوال حياتك المهنية، وفي هذا الجانب نقدم بعض النقاط عليك الاهتمام بها للحفاظ على الشبكة:
١/ حافظ على اتصالاتك:
اجعل جهات الاتصال الخاصة بك على علم بالأنشطة الخاصة التي تقوم بها، والنجاحات التي تحققها، لا تتصل من أجل طلب المساعدة فقط، قدم لهم موجزاً بين الفترة والأخرى حول تقدمك في عملك أو بحثك عن وظيفة، اسأل عن فرص للمساعدة ومن ثم انتظر منهم الاتصال بك، الأهم أن تجعلهم يساعدونك في التفكير وتبادل الأفكار وتوسيع شبكة علاقاتك وتعزيز البحث عن وظيفة.
٢/ تعميم سيرتك الذاتية
إن إطلاع البعض على سيرتك الذاتية لن يساعدك فقط في تعريفهم بقدراتك وخبراتك، لكنه يعزز أيضاً من فرص الحصول على تعديلات للسيرة الذاتية قد يطرحها البعض منهم، هؤلاء قد يقترحون أماكن جديدة يمكن ارسال السيرة الذاتية اليها، وفي حال امتلاكهم نسخة من سيرتك الذاتية قد يقدم البعض عند الحاجة الى إرسالها بأنفسهم إلى مدراء التوظيف وأصحاب العمل المحتملين.
٣/ اسأل عن الإرشادات
بامكانك التفكير في شبكة علاقاتك كأداة قابلة للتوسع من أجل البحث عن عمل، والحصول على كل معلومة أو نصيحة جديدة تساعدك في تمديد هذه الشبكة إلى مناطق جديدة، اجمع المعلومات عن وظيفة جديدة واحصل على مجموعة أكثر تنوعاً من المصادر الأوسع للعمل.
٤/ اظهر امتنانك
عندما يقدم شخص ما على مساعدتك بخبر عن وظيفة أو شبكة جديدة للاتصال، اظهر له أنك تقدر هذه اللفتة، أرسل له بطاقة أو رسالة شكر، وتبعاً لدرجة المساعدة التي تتلقاها، فكر في إرسال الهدايا الصغيرة لإظهار تقديرك لهم، عامل جهات الاتصال الخاصة بك كمساعدين ومرشدين في البحث عن وظيفة، وعند حصد النجاح، ضعهم في صورة أن المساعدة التي قدموها كانت قيمة، قدر لهم جهودهم، واحتفظ بشبكة علاقاتك صحية فهذا سيساعدك في مختلف مناحي الحياة المهنية.